الحوارات والخلافات ركيزة لصناعة القرار الفعال

تؤكد العديد من الأبحاث والدراسات الميدانية على أن القرارات غير الفاعلة
مرتبطة بشكل ملحوظ بقلة الصراعات أو النزاعات،
وخلو بيئة العمل من تضارب الآراء وإختلاف وجهات النظر،
وإختلاف الأفكار،
أما القرارات الفاعلة فهي على العكس من ذلك، حيث تظهر رابطة جلية وواضحة بينها"
أي القرارات الفاعلة"
وبين كثرة الحوارات والنقاشات والخلافات كذلك.
ولهذا فالقادة المتميزين يدركون العلاقة الديناميكية بين القرارات الفاعلة والحوارات والخلافات،
ونشير في هذا السياق إلى "ألفريد سلون"، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال موتورز،
حيث ذكر في سيرته الذاتية التي ضمنها ضمن دفتي كتابه،
إنه كان يعاني من الإستياء الشديد كلما وافقه نوابه على مشروع قرار ما دونما إعتراض أو نقاش،
وقد وصل به الآمر في بعض الحالات إلى تأجيل إتخاذ القرار حتى سماعه جميع إعتراضات ومرئيات النواب.
ألفريد سلون كان شديد الإدراك لما قد تؤدي إليه النقاشات والخلافات إذا ما تجاوزت خطوطها الحمراء
، لذا اشترط أن لا يؤدي تضارب الآراء إلى نزاعات شخصية،
وكل من عمل معه من المساعدين والنواب أشادوا بقدرته الفذه على إدارة الحوارات الساخنة حول القرارات دونما حدوث صدامات.
إن التحسين المستدام في صناعة القرار ينبع أولا من توفر البيئة الملائمة والمشجعة والمرحبة للآراء والمقترحات المتشعبة.
إن المديرون الذين يمارسون الإستضافة المستدامة للمعارضة والخلاف في الرأي ليسوا مشجعي صناعة المشاكل،
بل هم أصحاب فكر ورؤية تنبع من المقدرة على الإستماع للرأي المغاير واستيعابه.

في هذا السياق تعطينا التجربة اليابانية دروسا عظيمة، فالمديرون اليابانيون يقدمون فرصة إبداء الرأي الآخر لصاحب المستوى الوظيفي الأدنى يليه الأعلى...ثم الأعلى،
حتى يصل الدور للرئيس الذي يكون آخر من يبدي الرأي،
ولنا أن نتخيل أن مثل هذه السلوكيات المنكرة للذات مقابل المصلحة الجماعية
لا شك وأنها تشجع أصحاب الرأي المخالف في شكل القرار للذهاب إلى أقصى الشوط في ذلك،
وربما فسر ذلك تقديم صغار المديرين في الحديث تشجيعا لهم على إبداء الرأي قبل سماعهم لآراء من هم أعلى منهم فى المستوى الوظيفي.